[b]قد رأيت نفسي يوما... بعد طول غياب...
فترامينا القبلات والأحضان والاشتياقات...
نظر إلي نفسي مليا...
ثم قال قد تبدلت...
أم أنها تهيؤات؟
قلت بلى قد فعلت..
قد طرأت علي تغيرات...
قد تركتني يوما انسانا يوم تفارقنا...
وقلت لكل منا نهاية... فلنبحث عن النهايات...
وعدت إلي بعد وهلة لترى...
سراب انسان...
تعلق بمفاصل تلك النهايات...
قال قد عهدتك عند عقلك يسوق لك الحكمة...
قد نبهته من كل خطب قد حذرته من التفاهات...
وقد وعدني قلبك أن يلزم موطنه...
أي ذنب ارتكبا... أية حماقات؟
قلت لم تك تلك قصتي...
فقصتي أبطالها متعددو الشخصيات...
فكل خلية بي أصبحت شخصية...
وبليلة احتال ما كان جسدي...
إلى احتجاجات...
نظر نفسي لما كان جسدي وحدق...
وسمع أصوات شعوب خلاي المتمردات...
ورأى حروبا بينها وبين بعضها...
ورأى الجنون بينهم...
يتحول لانتصارات...
كل خلية رفعت علما...
وأصبح لها أجهزة وحكومات...
غمسني نفسي بدهشة عينيه...
وبانت على محياه الاضطرابات...
ماذا ولِمَ وكيف ومتى حدث هذا؟
أين صوتك أين هي الاجابات؟
أين بدأت هذه الكارثة؟
متى حلت بسرابك هذه الانهيارات؟
قلت قد حادثت عقلي بأموري...
ووافقني الآراء بعد عدة زيارات...
فاجتمعنا مع قلبي نحادثه...
وعقدنا الحلقات والمؤتمرات...
واتفقنا أن توزع الحياة علينا أدوارا...
ألا ننتظر من بعضنا المفاجآت...
فإن أحب القلب لا يسعى بحبه...
فليطلب المشورة من العقل...
فهو لا يطلب المعجزات...
وبعد الاتفاق بينهما على أمر...
يرفع إلي... لأقدم لهما الاقتراحات...
لم يك أمرا صعب التعامل...
فقد كان كاقناع الآخر بهوايته...
فلكل منا هوايات...
إلى أن أتى الاختبار الفعلي...
اختبار هوى... بكل أموره المميزات...
أول من استهوى اختباره كان قلبي...
فقد تجلت له هوايته... دون أية اعتبارات...
كتب تقريره على عجلة من أمره...
ورفعه لعقلي ليرى مشورته...
ليرى ما ينصح بأوراق الاختبارات...
قد رآها عقلي وتصامت...
فقد نفرت منه هوايته...
وفتح الباب لكل الخيارات...
فاجتمعنا نقرر أمرنا...
اجتماع مغلق لثلاثتنا...
دون أي دعوات...
وخلاياي كالصحافة اجتمعت...
تسأل...
تصور...
تناقش...
وتطالب بالاستفسارات...
كتبنا أوراقنا وتقاريرنا...
وغاب عنا موضع علامة التعجب...
وعلامة الاستفهام...
والكثير من العلامات...
وخرجنا بقرار أن أحادثها...
عل قلبي يقتنع أنها... كسائر المخلوقات...
وعل عقلي يثوب لعقله...
عله يعود للمعادلات والتحليلات...
وحين لمست يدي يدها...
حين احتكت مدن كفي بمدن كفها...
علمت أني سأخسر أمام شريكي...
علمت أني سأعود... وسأحتاج للشعارات...
فرفعت شعار الرئاسة على المجلس...
وهددت بحله...
هددته بالويلات...
فاستكان عقلي وقلبي لما ناديت...
استكانا للتهديد... ولصرامة الكلمات...
ولكن دون أخذ حذري من غيرهما...
ثارت الصحافة في وجهي...
ودعت للاضرابات...
انتشرت الفوضى في شوارع خلايا جسدي...
وانتشرت معها الكتابات...
تصف لمسة اختصت بها مدن كفي...
اتصال بمدن أخرى...
اتصال مع حضارات...
وباللحظة صدرت تلك المدن لمدني...
بعض السلع المجانية...
صدرت بعض المنتوجات...
كالثورة والتمرد...
والاحتجاج والحرية...
أمور كنت اعتبرها ترهات...
اشتعلت النيران بخلاياي...
فسادت الفوضى...
قتل من قتل...
ودمر ما دمر ...
وزادت السرقات...
إلى أن نبتت راية ...
ترفع علما...
تطلب استقلالا من استعماري...
ومن بطشي...
ومن ساديتي...
ومن سلطة حكمي المركزي...
وقدمت لي الانذارات...
ورأيت الثورة تسير دونما اكتراث...
كثير أو قليل بي...
نشيد وطني...
دوائر حكومية..
قطاع صناعة وزراعة ونقل... ومواصلات...
ومراكز بحث بمصادر أولية...
مراكز وطنية للبحوث والدراسات...
تدرس العوالم الأخرى... والدول الأخرى...
تدرس مدن كفي... وتلك الحضارات...
رفعت حاجبي مصدوما...
فلا حق لى أن أرى... فتلك دول مستقلة...
ولا حق لي أن أسمع... فتلك أيضا... دول مستقلة...
ولا حق لي أن أتكلم...
ولا حق لي أن ألمس...
لا حق لي بشيء...
إلا الذهاب بأوراقي...
لدائرة الجوازات...
نظر إلي نفسي مشفقا...
تترقرق عيناه... تلتمع بالعبرات...
وقال قد حكمت دكتاتورا في سلطتك...
قد كنت ساديا...
بقوانين الحجر والحظر ومنع المطبوعات...
فادعو للحرية وارفع رايتها...
ادعوا الجميع للانتخابات...
اقبل التحدي بتحد تلقيه إليهم...
انشر أفكارك بالصحف والمجلات...
وارفع لهم أهداف يحلمونها...
ارفع أحلامهم...
ادعوا لآمالهم...
زين آراءهم...
خذهم بالعبارات...
سألت نفسي وماذا بعدها؟
ما خطوتي التالية؟
أين هو كتاب الارشادات؟
قال طبق قولك بعملك...
واذهب واحتك بتلك الحضارات...
واستورد منهم حرية خلاياك...
وصدر لهم الثورات والتحديات...
لم أكتف بأن أحتك بمدن كفها....
بل احتككت بمدن شفاهها...
بقبلة...
بقبلة دون أية مقدمات...
صقلت خلاياها كالالماس...
وأنارت شوارعها برياحينها...
ونأت بحضارتها...
عن أي ازعاجات...
زادت الفوضى في مدني...
واشتدت أعمال السلب... والنهب...
والاغتيالات...
فنظرت إلى نفسي أراقبه...
مشغولا بالكلام... والضحك... وتوزيع القبلات...
ماذا حلت بمدني؟ لم هذا الغضب؟
بماذا أخطأت بحقهم؟
أرني أجوبة
حلول
أية توضيحات!
أجاب نفسي مبتسما...
قد كان هدف مدنك الاستقلال... وقد عدلت عن ذلك...
قد كانت غاية خلاياك التحرر من بطشك... وقد عدلت أيضا عن ذلك...
أما هدفها الآن...
هو الاتحاد بدولة واحدة...
لها علم واحد...
ونشيد وطني واحد...
لها أساس الدولة والمقومات...
قلت إني أدعو لذلك!
قال لا...
فمدنك تريد الاتحاد مع بعضها...
والاتحاد مع تلك المدن الأخرى...
مدن عينيها...
مدن شفاهها...
مدن راحة كفيها...
مدن قلبها...
كدولة واحدة...
لها علم واحد...
ونشيد وطني واحد...
فعليك الطاعة... والقيام بالترتيبات!
نظرت لنفسي مشدوها لهذه المؤامرة...!
ونظرت لتلك المدن الأخرى...
ثم....
بدأت بالاجراءات!
ر.ع