عربية يا قدس
للقدس مكانة عظيمة في نفوس العرب و المسلمين و المسيحيين في جميع أنحاء العالم ، فهي أولى القبلتين و ثالث الحرمين – بعد مكة و المدينة – و هي مدينة عربية منذ فجر التاريخ ، و ظلت تحت يد المسلمين منذ الفتح الإسلامي لها حتى ابتليت بالاستعمار الصهيوني سنة 1967 – و سوف تعود عاصمة لدولة فلسطين – إن شاء الله – و هذا المقال يلقي أضواء على القدس و تاريخها و عروبتها الثابتة .
1 _ مكانة القدس في النفوس
القدس ما أجملها من كلمة تتغنى بها الشفاه ! و ما أطهرها من معنى يثير في النفوس أسمى المشاعر و أعذب الذكريات ! . إنها مدينة القدس : موطن الرسالات ، و ملتقى الأنبياء و المنهل المقدس الذي نهلت منه الإنسانية الحق و الخير و السلام .
2 _ موقع القدس :
تقع القدس على بعد أربعين كيلو متراً عن البحر المتوسط و هي عاصمة فلسطين و إحدى المدن التليدة العريقة التي بنيت منذ أربعة آلاف سنة ، و شهدت انبثاق حضارات و مدنيات متعددة ، أسهمت في رقي الجنس البشري و تطوره و دفعه للإمام و تتميز القدس بموقع جغرافي و استراتيجي مهم ، فهي تقع على مرتفع منبسط فوق سطح البحر بنحو 750 متراً و نحو 1150 متراً عن سطح البحر الميت و يحيط به الوديان و التلال من الجهات الثلاث الأخرى .. و المنطقة غنية بينابيع الماء التي تمد المنطقة بما تحتاجه .
و ترجع أهمية القدس كذلك إلى توسط موقعها بالنسبة إلى فلسطين و العالم الخارجي .، كما أنها مهبط الرسالات و موطن الأنبياء و مسرى النبي
3 _ القدس عربية :
و القدس عربية منذ نشأتها رغم توالي المغرين عليها ، حيث أسسها العرب قبل أول عهد لليهود بها بأكثر من ألفي سنة ، فقد أطلق عليها بادئ ذي بدء اسم ( يبوس ) نسبة إلى اليبوسيين من بطون العرب الأوائل الذين نشئوا في صميم الجزيرة العربية سنة ( 3000 ق . م ) و عرفت المدينة باسمها الكنعاني ( أورسالم ) أو مدينة السلام ، كما ذكرت كتب العهد القديم اسمها ( أورشليم ) و هو الاسم الذي ما زال يطلقه اليهود و الأجانب عليا حتى يومنا هذا .
4_ بدأ إعادة بيت المقدس :
في عهد النبي داود – عليه السلام – ( 1011 – 972 ق . م ) بدأ في إعادة بيت المقدس الذي كان قد و لكن داود – عليه السلام – توفي قبل أن يكمل البناء .. فأتمهبناه من قبل آدم سليمان – عليه السلام – ( 972 – 931 ق . م ) .
و استمرت سيطرة بني إسرائيل على أورشليم من داود حوالي سنة ( 1011 ق . م ) و دمرها ، ثم أعيد بناؤها سنة ( 165 ق . م ) لتدمر ثانية و ذلك لمرات عديدة كان آخرها عام ( 614 م ) على أيدي الفرس . حتى فتحها المسلمون منه ( 15 هـ = 626 م ) .
5_ بداية تشييد قبة الصخرة :
حدث ذلك ما بين عامي ( 66 –72 هـ ) ( 675 – 692 هـ ) و قد بنيت القبة فوق الصخرة منها .. فإن أبعاد هذه الصخرة المقدسة من الشمال إلىالمشرفة التي عرج بالنبي الجنوب 17,70 م و عرضها من الشرق إلى الغرب 13,50 م .. و شكلها دائري تقريباً .
و غرب هذه القبلة إلى الشمال الغربي يقع هذا المبنى الكبير المثمن الأضلاع الذي تعلوه قبة حجرية مضلعة و يقوم على ستة عشر عموداً مستديراً من الرخام .. و إلى السماء .يسمى هذا البناء قبة المعراج تذكاراً لعروج النبي
6_ اتخاذ المسلمون قبلتهم الأولى :
لقد اخذ المسلمون قبلتهم الأولى هذا البيت المقدس قبل و المسلمون معهأن يأمرهم الله – تعالى – بالتحول إلى الكعبة .. و قد ظل الرسول سبعة عشر شهراً يتجهون في صلاتهم إلى المسجد الأقصى حتى أمر الله – تعالى – نبيه باتخاذ المسجد الحرام قبلة لصلاته .و للمسجد الأقصى في قلوب المسلمين في كل مكان مكانة عظيمة .. فهو أولى القبلتين و ثالث الحرمين ، و إليه كان إسراء النبي و منه كان معراجه . و فضائل المسجد الأقصى كثيرة .. و مما يدل على فضله ما رواه أبو قال (( لا تشد الرحاب إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام وهريرة عن رسول الله مسجدي هذا و المسجد الأقصى ((
7 _ محاولة اليهود اغتصاب القدس و طردهم منها على يد الرومان :
و لقد تعاقبت القرون على القدس و غزاة من كل جنس يحاولون اغتصابها و اجتثاث جذورهم العربية ، فقد حاول بنو إسرائيل أن يطردوا القبائل الكنعانية العربية منها ، و ذلك بعد خروجهم من مصر قبل ظهور المسيح – عليه السلام – و حينما أتى المسيح إلى القدس في أواخر عام ( 28 م ) ليبشر بتعاليمه الجديدة حاول اليهود إثارة القلاقل و المتاعب في جهة .. و لكن نفوذهم ما لبث أن تلاشى عندما احتل الرومان القدس ، و طردوا اليهود منها و حظروا عليهم دخولها .
8 _ تحرير القدس في عهد عمر بن الخطاب ثم في عهد صلاح الدين :
و في عهد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – تم للعرب تحرير القدس ، و كانت المبادئ الإسلامية المتسامحة هي
التي دفعته إلى أن يعطى الأمان لغير المسلمين في أموالهم و ممارسة عقيدتهم ، و قد كتب ذلك في الوثيقة التاريخية التي
عرفت فيما بعد ( بالعهدة العمرية ) و ظلت القدس العربية آمنة يرفرف التسامح في أجوائها إلى أن دهمها الصليبيون المتسترون تحت قناع الدفاع عن المسيحية في عام 1099 م ، و إن كانوا في حقيقة الأمر قد جاءوا لاستنزاف
الثروات العربية مما دفع العرب إلى توحيد صفوفهم بقيادة صلاح الدين الأيوبي الذي انتصر عليهم في حطين و تم له فتح القدس لتعود عربية كما كانت .
9 _ نكبة فلسطين و حريق المسجد الأقصى :
تعاقبت على القدس بعد انقضاء عمر الدولة الأيوبية دولة المماليك فالأتراك ، و بعد الحرب العالمية الأولى استولت بريطانيا على فلسطين ، و تعهد بلفور سنة 1917 م بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين العربية ، و أخذ اليهود يتدفقون على فلسطين ، و بدأت المأساة و توالت على القدس بعد ذلك أحداث جسمية من أشهرها الحريق الآثم الذي وقع على المسجد الأقصى فير الحادي و العشرين من أغسطس عام 1969 م ، و ما زالت القدس حتى الآن تشهد صراعاً هائلاً بين الشعوب المناضلة و أخطبوط الإمبريالية العالمية ، و بمشيئة الله تعالى سوف يعود الحق لأصحابه
10_القدس تهدي بني الإنسان إلى قيم الحق و الخير و الجمال :
و إذا كانت القدس إحدى المدن التليدة العريقة في العالم ، فإنها تتميز عنها جميعاً بقدسيتها و مكانتها العالية عند أصحاب الرسالات السماوية حيث يؤمونها جميعاً سواء بسواء ليحج كل فريق منهم إلى أماكن عبادته المقدسة التي تتجاوز في هذه المدينة العريقة ، و كأنها تؤكد أنها جميعاً أنها تهدي بني الإنسان إلى قيم الحق و الخير و الجمال .
11_ أهمية القدس عند المسلمين :
و للقدس مكانة عظيمة خاصة عند المسلمين ، لأن بها المسجد الأقصى الذي كان قبله المسلمين الأولى .و ظل رسول الله صلوات الله و سلامه عليه و المسلمون من ورائه يتجهون في صلواتهم إلى هذا المسجد سبعة عشر شهراً تقريباً ، و المسجد الأقصى هو ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال بنية العبادة فرسول الله عليه الصلاة و السلام يقول : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، و مسجدي هذا ، و المسجد الأقصى ) – ( رواه أبو داود و البخاري ) .
و قد روي أنه بنى في أصله بعد بناء المسجد الحرام بأربعين سنة ، و حيث صلى فيه إماماً بالأنبياء و المرسلين ، وإلى المسجد الأقصى كان إسراء الرسول - إلى السماء و قد نوه القرآن المجيد بذلكمنه أيضاً كان معراجه -
في قوله تعالى :
القدس
مديـنة السلام و الإسـراء
مديـنة الأديان … و الدعاء
و ملتـقى النساء و الأبنـاء
القـبلة الأولـى إلى السماء
و الحرم الشريف ... و الضياء
يا قدس قدسـت بلا انتـهاء
يا قدس فيك الفضل و الرجاء
حبـاك ربي النور و اللـواء
بالمسجد الأقصى … و بالنعماء