منتديات الفلسطيني الحر
انت غير مسجل لدينا انضم الى عائلتنا وشاركنا بسرعه..
<IMG>https://i.servimg.com/u/f62/13/72/54/46/sfena-10.gif</IMG>

لمزيد من التفاصيل
ADMIN@PALFREE.COM
منتديات الفلسطيني الحر
انت غير مسجل لدينا انضم الى عائلتنا وشاركنا بسرعه..
<IMG>https://i.servimg.com/u/f62/13/72/54/46/sfena-10.gif</IMG>

لمزيد من التفاصيل
ADMIN@PALFREE.COM
منتديات الفلسطيني الحر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 وحي الشيطان - الجزء الأول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ramiscat
 فلسطيني جديد
 فلسطيني جديد
ramiscat


الجنس : ذكر
عدد الرسائل : 6
العمر : 49
مكان السكن : kuwait
نقاط : 4937

وحي الشيطان - الجزء الأول Empty
مُساهمةموضوع: وحي الشيطان - الجزء الأول   وحي الشيطان - الجزء الأول Icon_minitimeالأربعاء 8 ديسمبر 2010 - 16:11

دخلت ناني لغرفة عزرا ورأته نائما كألف طفل أعلنوا الحرب على غرفة النوم قبل أن يناموا بشكل معكوس، وضعت يديها على خصرها وهي تنظر إليه بحنان وعطف وحب...
ومن ثم مشت ببطء إلى الستائر ورفعتهم فجأة وهي تقول:
- عزرا هيا استيقظ يكفيك نوما للآن لقد قاربت الساعة على الحادية عشر!
تململ عزرا من تحت غطائه وقال بصوت كأنه ببئر سحيق:
- إنه يوم إجازتي... أريد أن أناااااااااااااااااااااااااااااام
نظرت ناني إليه بحب وقالت:
- يكفيك نوما، لم تخلق الإجازة للنوم، فالإجازة هي أفضل وقت لقضاء أجمل وقت خارج المنزل...
اقتربت منه وسحبت عنه الغطاء متابعة:
- وممارسة أروع الهوايات..
رفع عزرا الوسادة عن تحت رأسه ووضعها فوق رأسه محاولا الهروب من ضوء الشمس الذي كان يتسلل من نافذة الغرفة، وقال بصوت الحالم:
- وأنا أمارس هوايتي... أنام بحضن سريري الذي اشتقت له وأقبَل وسادتي...
ثم رفع رأسه ناظرا إلى ناني بنظرة نعسة وشعر مبعثر قائلا بطفولة:
- هناك اجتماع مغلق بيني وبين وسادتي لا يصلح أن يكون أمامك...
ثم غاص تحت وسادته مضيفا:
- أغلقي الباب خلفك ويرجى عدم الازعاج..

رفعت ناني حاجبها الأيمن عاقدة يديها أمام صدرها ثم اقتربت منه ببطء قائلة بهمس:
- إن لم تقم بإرادتك فسوف تكمل نومك بالحديقة الخلفية!
ثم سحبت الوسادة من فوق رأسه، فقام يبحث عنها، وعندما وجد ناني تلوح بها مبتسمة، بحث عن أي شيء ليضعه على وجهه ولم يجد، فنظر إليها مبتسما قائلا:
- الآن اجتماعي مع فرشتي!
ونام ومعدته لسريره حاضنا الفرشة... مبتسما!
عقدت ناني يديها خلف ظهرها صامتة للحظة، ثم قالت بهدوء وهي تخرج ملابسه وتضعهم بالحمام وتخرج منشفة:
- أنسيت موعدك مع جوانا؟
أجاب ببطء ونعاس:
- موعدي معها عصرا.....
ثم ضم نفسه أكثر لفرشته مدركا:
- وليس الآن... الرحمة أريد أن أنام.... إلغى كل مواعيدي إذا كان هناك مواعيد...
ثم رفع يده اليمنى كأنها هي اللتي تتكلم مكملا:
- أنا أطلقكم جميعا، اختفوا من حياتي...
ثم رفع رأسه وشعره يغطي عينيه مضيفا:
- وسوف أطلب السماح منكم بعد استيقاظي...!
ثم ابتسم ابتسامة غبية وبعدها رجع ليحضن فرشته.
أمسكت ناني المنشفة بيدها اليمنى، وأخرجت ملابس داخلية وأمسكتهم بيدها اليسرى وقالت بخبث:
- وماذا عن جاك؟
أجاب بتمتمة:
- جاك....
ابتسمت وقالت:
- جاك؟ الدكتور جاك؟ صديقك؟ رفيقك؟ صديق طفو....
قاطعها مجيبا بصوت حالم:
- نعم نعم جاك.....جاك
وفجأة قفز من السرير صائحا:
- جاك!!!!! كم الساعة الآن؟
أجابت بابتسامة لا تسعها فمها:
- الحادية عشرة وخمسة وأربعون دقيقة.
صرخ:
- ماذا؟ كيف ذلك؟
وقفز من سريره فناولته المنشفة والملابس الداخلية مبتسمة وهو يسرع للحمام صارخا:
- ولماذا لم توقظيني؟!
ارتسمت على وجه ناني حيرة غبية وهي تحادث نفسها قائلة:
- يجب علي أن أطلب زيادة راتب بسبب الجنون الأبدي الذي أنا به!
أخرجت ناني ربطة عنق عند خروج عزرا من الحمام وربطته له قائلة:
- لن تكبر بحياتك، سوف تبقى صغيري عزرا الذي...
تركها راكضا وهوه يقول:
- اكملي ما تريدين قوله برسالة نصية لقد تأخرت....
تأملت ناني صوته الذي كان يتلاشى وهوه يعدو على الدرج متابعا:
- أحبك.
ضحكت وهي تبدأ بترتيب سريره هامسة:
- لن يتغير طفلي....
ومن ثم علت محياها علامات قلق... وحزن متممة:
- أرجو أن يتغير....

دخل عزرا عيادة الدكتور جاك مسرعا فابتسمت السكرتيرة قائلة:
- مساء الخير سيد عزرا... الدكتور...
ولكن عزرا من سرعته لم يتوقف بل أكمل لباب غرفة جاك ودخل دون طرق الباب في حين تابعت السكرتيرة كلامها متمتمة:
- بانتظارك!
دخل عزرا وفورا جلس على كرسي المرضى وهو يحاول التقاط انفاسه في حين كان جاك ينظر إليه من تحت نظاراته صامتا بجمود، وعزرا يطلب منه الانتظار لحين التقاط أنفاسه... وجاك ينظر إليه كالحجر...
وبعد دقيقة ابتسم عزرا قائلا:
- صباح... أقصد مساء الخير دكتور جاك...
ثم وضع قدما على قدم ببراءة وهو يقول بخوف من أن ينفجر جاك بوجهه:
- أرجو ألا أكون قد تأخرت عليك...
ثم تابع واضعا يده على فمه مع سعلة:
- كثيرا!!!!
قام جاك من مقعده وجلس أمام عزرا بهدوء، خلع نظاراته، ثم نظر إلى ساعته، ثم إلى عزرا قائلا بصوت عميق:
- لقد تأخرت نصف ساعة، كالعادة، كالعادة يا عزرا!
ثم تابع بغضب:
- لقد اعتادت السكرتيرة أن تلغي أي موعد يأتي بعدك بسبب تأخرك يا عزرا!!!!!
حك عزرا شعره كأنه يفكر بحل ثم ابتسم قائلا:
- جاك بما أني أتأخر دائما نصف ساعة...
ورفع يديه متابعا:
- كالعادة...
ثم أكمل:
- فلم لا نجعل موعدنا الساعة الثانية عشرة والنصف بدل الثانية عشرة وهكذا نتخلص من النصف ساعة تأخير؟
نظر إليه جاك بجمود، ومن ثم نفض عن نفسه الجدية ومسح وجهه بيديه قائلا بيأس:
- لأنك ساعتها سوف تأتي الساعة الواحدة.... متأخرا نصف ساعة.....
وأضاف بعصبية:
- كالعادة!
ابتسم عزرا ببلاهة مجيبا على استحياء:
- صدقت!
تأملا بعضهما البعض...وفجأة انفجرا ضحكا من الموقف الذي مهما تكرر تبقى لحظة مضحكة لهما معا.....
فدخلت السكرتيرة التي وقفت مشدوهة من ضحكهما فصمتا على فورهما، في حين غضبت هي وقالت:
- دكتور جاك أنت دائما تقول لي أن لا يدخل أحد عليك عنوة، وإذا حدث فأنا الملامة، منذ دخول السيد عزرا وأنا أشعر بخوف من ردة فعلك فأتيت لأعتذر، والآن أراكما تضحكان؟
نظر جاك وعزرا إليها للحظة وتأملا جديتها... ومن ثم... انفجرا ضحكا مرة أخرى لحد أن دمعت عيناهما، أما السكرتيرة فقد هزت رأسها قائلة وهي خارجة:
- وجب عليها الاثنان أن يذهبا ليتعالجا نفسيا!!!
بعد لحظات صمت الاثنان... فكسر جاك الصمت سائلا:
- كيف حالك عزرا؟
أجاب عزرا بابتسامة:
- بصرف النظر عن استيقاظي تحت تهديد السلاح بعد مصادرة غطائي ووسادتي وستائري... فأنا بخير!
ضحك جاك وهو ينظف نظاراته مجيبا:
- أهناك طريقة أخرى لايقاظك في يوم اجازتك؟
صمت عزرا قليلا مفكرا... ثم قال ببساطة:
- لا!
وضحكا بمتعة، وبعد لحظات تأمل جاك عزرا ثم سأله مرة أخرى:
- صدقا، كيف تشعر؟
ارتبك عزرا قليلا فقام عن مقعده متجها للنافذة ناظرا إلى الطبيعة في الخارج، ثم ألتفت إلى جاك وعلى وجهه ابتسامة مجيبا:
- بخير... حقا بخير!
ثم اكمل:
- استمتع بعملي كثيرا، لدي هواية أحبها، جوانا ملأت الدنيا علي بجنونها....
ثم اتسعت ابتسامته مضيفا:
- إني استمتع بحياتي، إني حقا استمتع بحياتي!
ثم صمت لحظة وبدأت الابتسامة بالتلاشي...
عاد لينظر من نافذة المكتب بارتباك..
ثم التفت ثانية إلى جاك الذي كان يراقب كل حركاته...
جلس عزرا بمقعده، اقترب من جاك ضاما يديه لبعضهما أمام وجهه هامسا برجاء:
- جاك لا أنا لست بخير، أحاول أن أتعايش مع الوضع ولكن لا أستطيع....
قام عزرا من مقعده بعصبية مضيفا وهو يحرك يديه بحدة:
- لقد قلت لي بأني سوف أنسى، لقد قلت أن ألم الفراق يبدأ عظيما ومن ثم يبدأ بالخفوت تدريجيا...
اقترب عزرا من جاك بحدة مكملا:
- سنتين... سنتين جاك ومازلت بالنار... ما زلت أشعر بوهج النار التي لا تريد أن تنطفئ...
ذرع عزرا الغرفة جيئة وذهابا وهو يتمتم:
- شيء يقول لي أن أنسى الحادث، أن أخرج من حالة الانكار...، فقد ماتت وقد فقدتها...
ثم توقف وهو يعصر رأسه بيديه صارخا باختناق:
- ولكنها برأسي... تقول لي أنها على قيد الحياة.. وأنها تحتاجني... تحتاجني جاك أتفهم؟
بعد لحظة، قام جاك واقترب من عزرا الذي سند يديه على طاولة المكتب... وضع جاك يده على كتف عزرا هامسا بأذنه:
- لقد قلت لك... أستطيع أن أنومك مغناطيسيا...
ارتجف عزرا عند سماعه هذه الكلمة، وتمتم بكلمات غير مفهومة...
فتابع جاك:
- ولكنك تذكر ماذا حدث آخر مرة خضنا هذه التجربة...
رفع جاك يده عن كتف عزرا ووضعها في جيبه متابعا بتنهيدة:
- أرى أن الحل هوه أن نخوض هذه التجربة مرة أخرى...
نظر عزرا إلى المكتب... كأنه يبحث عن جواب أو قرار بين ثنايا الكتب الملقاة على سطح المكتب... ثم قال:
- فلنبدأ...
تمدد عزرا على سرير المرضى وبدأ جاك بتنويمه...
- اغمض عينيك...
- تأمل جسدك كأنك خارجه...
- اشعر بعضلات جسدك وأنت توترهم..
- الآن اشعر بارتخاء عضلات جسدك...
- اغمض عينيك..
- تخيل رقم واحد يسبح في فضاء أسود..
- لا تفكر فقط تأمله...
- الآن تأمل رقم اثنين... يسبح في الفضاء الأسود..
- لا تفكر..
- فقط تأمله..
- ركز على صوتي..
- لا تفقده..

امممم.....
- رقم واحد... خلفه فضاء أسود... هذا سهل..
- لا لن أفكر فقط سوف أتأمله...
- وهذا رقم اثنين...
- هناك وخز في قدماي... أهذا طبيعي؟
- نعم رقم ثلاثة... أراه...
- الفضاء أشد سوادا من الطبيعي... أهذا أيضا طبيعي؟
- لم صوتك يبعد؟
- صوتك خافت جدا...
- قدماي يوخزاني بشدة الآن.. ماذا أفعل الآن؟
- نعم أرى الرقم ستة... ولكن لونه أحمر... هل كانت كل الأرقام حمراء؟
- قدماي يؤلماني بشدة.... جاك يجب أن أقوم لا أريد أن أكمل أشعر بوخز وألم رهيب في قدماي...
- جاك...
- جاك...
- جاك.... أين صوتك؟
- جاك... سوف أفتح عيني يبدو أن مغامرتك لم تفلح معي يا صديقي...
- الألم لا يطاق...
- سوف افتح عيني جاك...
- أين أنا؟
- لم الدنيا سوداء؟
- أين الضوء؟
- جاك؟ لم الغرفة معتمة لهذه الدرجة؟
- أمازلنا في فترة الظهيرة؟ كيف هذا؟
- ما الذي يؤلم قدماي؟
- لا لا
- من أنت؟
- من أنت؟
- أين أنا؟
- لا لا فك قيدي لا أريد أن أموت
- لااااااااا
- نار نار... أين أنا؟
- أرجوك أتركني
- من أنت؟
- ماذا أنت؟
- من بطرف الفضاء؟
- جاك؟
- جاك؟
- أين أنا؟
- لا
- نار نار نار
- ماذا؟
- من ينادي؟
- من الذي يطلب النجدة؟
- أ.... أ... أهذه أنتي؟
- تيماااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

- عزرا... عزرا... استيقظ بحق الله استيقظ يا صديقي أرجوك لا تخذلني استيقظ..

استيقظ عزرا بهدوء ومن ثم وثب من السرير يصرخ وهو يبتعد عن جاك قائلا:
- لقد رأيتها... جاك لقد رأيتها...
اقترب جاك من عزرا بحرص محاولا طمأنته قائلا بهدوء:
- سوف اسمع منك كل شي، فقط هدئ من روعك ولنجلس لنفهم ماذا حدث معك..
ومد يده اليه...
بتردد أمسك عزرا يد جاك وجلسا بجانب بعض....
قدم جاك لعزرا كأسا من الماء ليرطب شفتيه اللتان كانتا تبدوان وكأنه لم يشرب منذ حقبة... ثم قال..:
- عزرا... ماذا حدث؟ لقد فقدتك في منتصف الجلسة، لقد بدأت بالتحرك بعصبية وقول كلام غير مفهوم... ماذا حدث معك؟
كان عزرا يحدق بتلك النافذة... ثم قال بهدوء:
- لقد رأيتها....
نظر إليه جاك متسائلا:
- تيما؟
هز عزرا رأسا بالايجاب... وصمت...
وضع جاك يده على كتف عزرا ليشعره بالأمان وقال:
- أكمل... ماذا رأيت أيضا؟
صمت عزرا لدقيقة، ثم قال:
- هناك من يؤذيها... ولكن من ؟
فتح عينيه وسعهما وهو يقول بهمس:
- إنها تتألم!
ثم فجأة التفت إلى جاك قائلا بعصبية:
- إنها تتألم جاك... إنها تتألم... هناك.. هناك من يؤذيها...
قام بعصبية وهو يعصر رأسه بيديه مضيفا:
- من هو؟ ماذا هو؟ رأسي...
أجابه جاك بهدوء وعمق:
- عزرا هذا عقلك الباطن يصور لك أن تيما تتألم، وأن هناك من يؤذيها لكي يبقيك في حالة الانكار والعذاب الذي أنت به...
اقترب جاك من عزرا، واضعا يده على كتف عزرا، ناظرا مباشرة إلى عينيه... قائلا:
- تيما قد ماتت... قد ماتت منذ سنتين تقريبا يا عزرا... آن لك أن تقبل هذه الحقيقة...
ابعد عزرا يد جاك عنه، وتوجه إلى النافذة... ينظر للناس حوله... ينظر لكل شيء عله يجد جوابا...
للحظة هيئ له أن كل شيء قد تجمد في مكانه، وأن كل شيء ينظر إليه... كما حدث يوم الحادث... نفض عنه هذا الشعور الغريب... ثم قال وهو يحدق بلاشيء:
- تيما....
التفت بهدوء إلى جاك وقال....:
- تيما لم تمت... تيما حية ترزق...
أجاب جاك بسرعة:
- وسيبقى ذكراها حيا داخلك وداخلنا جميعا للأبد...
طأطأ عزرا رأسه الأرض... اقترب من كرسي... جلس... ووضع وجهه بين كفيه... وبدأ بالبكاء.. بكاء صامت... بكاء ساخن... كوهج نار ألم فراقها...

الذي لم ينطفئ....

نزلت ناني من غرفة عزرا فوجدت جوانا أمامها تنظر إليها شزرا... قائلة باستعلاء:
- أين هو؟
أجابت ناني ببرود:
- في طريقه إلى هنا.
نظرت جوانا إلى ناني باستعلاء مرة أخرى ، ثم توجهت إلى الحديقة وهي تقول:
- أحضري لي شاي.
مطت ناني شفتيها... ثم نظرت للأعلى قائلة..:
- ولم هي؟؟؟
بعد ساعة دخل عزرا البيت تعبا... فاستقبلته ناني بابتسامة عريضة...
رفع عزرا حاجبا وهو ينظر إليها بشك قائلا وهو يؤشر بأصبعه:
- لماذا أشعر بأن هناك مصيبة تنتظرني؟
ازدادت ابتسامتها اتساعا فقال عزرا بيأس:
- وقد ظننت أن ابتسامتك لن تتسع أكثر من ذلك...!
وضع يده اليمنى على وجهه كأنه يجهز نفسه لاستقبال المصيبة، ثم اقترب منها كمن وافق على قدره وعقد يديه أمامه وقال بابتسامة:
- أتحفيني...
بقيت على ابتسامتها وحاولت أن تزيدها اتساعا، فقال لها:
- سوف تشقين فمك من الابتسام ما الذي يسعدك لهذه الدرجة؟
ثم نظر إلى الصينية التي تحملها وعليها الشاي فقال:
- ولمن الشاي؟
ثم فتح عينيه مشدوها وقال بارتباك:
- لا تقولي أن جوانا هنا!!!!
ردت عليه قائلة وهي تحاول أن توسع ابتسامتها أكثر:
- وددت لو أوسع ابتسامتي أكثر ولكني وصلت الحد الأقصى!
فنزعت عن وجهها الابتسامة وهي تلين فمها من الابتسامة التي شنجت وجهها.
نظر إلى الشاي ثم رفع يده يحك ذقنه يتقمص دور المحلل وقال لنفسه بصوت مسموع لناني:
- تقديم هذا الشاي يعني أنها أتت منذ وقت قصير.
ونظر إلى ناني، فوجدها عادت وابتسمت من جديد، فقال بغضب طفولي:
- أنتي تستمتعين بهذه اللحظات أليس كذلك؟
ثم تابع:
- هذا كوبها الثاني؟
قالت:
- حاول مرة أخرى!
قال:
- الثالث؟
قالت:
- يؤسفني أن أقول لك أن هذا كوبها الرابع لهذا اليوم، وقد طلبت أن يبقى الإبريق على النار!
ارتعش واغمض عينيه بألم كأن نحلة قرصته قائلا:
- عادة آتي على كوبها الثالت... هذه مرحلة جديدة لي!
، ثم قال بتوتر وهو يفكر:
- حسنا يجب أن نفكر بعذر جيد حتى لا تنفجر بوجهي...
عادت ناني للابتسام مرة أخرى...
تابع عزرا:
- سوف أعود أدراجي وأنت قولي لها أني قد تعرضت لحادث وأنه ممنوع عني المكالمات حاليا، وعندما آتي سوف تكون جوانا قلقة علي فتنسى تأخري... حسنا؟
تابعت ناني ابتسامتها دون أي كلمة، فنظر إليها عزرا معيدا:
- حسنا؟
لم تجب وبقيت على ابتسامتها، فأمسك عزرا رأسها وهزه أنها موافقة ثم بدأ الخروج ببطء دون صوت...
بنفس ابتسامتها قالت ناني بصوت تعمدت أن يكون مرتفع:
- أهلا وسهلا بك سيدي عزرا...
تجمد عزرا بمشيته كأنه داس على مسمار أو كأن أحدا أوقف التصوير في حين أكملت ناني بنفس الابتسامة:
- لماذا تأخرت؟
ركض باتجاه ناني حتى يسكتها ولكنها أكملت بابتسامة خبيثة:
- السيدة جوانا تنتظرك منذ أكثر من ساعة وأكيد هي غاضبة الآن!
نظر إليها بغيظ فاقتربت منه ناني وأعطته الصينية قائلة:
- إذا أرادت السيدة جوانا مساعدة في دفنك بحديقة الفيلا فأنا موجودة!
أجاب بتهكم:
- ولكنك دائما تتذمرين من أي عمل ليس ضمن اختصاصك!
ردت بسخرية:
- سوف أقوم به وأستمتع أيضا!
باللحظة التي توجهت فيها ناني للمطبخ رأى عزرا جوانا آتية نحوه فطرق رأسه الأرض يفكر ويحك شعره بيده اليسرى، ثم رفع رأسه بابتسامة، وذهب إليها قائلا:
- جوانا حبيبتي لن تصدقي ما حدث معي!
اتجهت لباب البيت لتذهب وهي قائلة:
- صدقت، لن أصدق!
أسرع نحوها ممسكا يدها ثم يلف يده على خصرها ويميلها على يده الأخرى قائلا:
- صدقتي... أنا أيضا لن أصدق... ولكن اعذريني كان يومي متعبا
نزعت نفسها من بين يديه قائلة بتهكم:
- نعم نعم يومك كان متعبا...
ثم التفتت إليه قائلة بصرامة:
- اليوم هو يوم إجازتك يا عزرا أتراني غبية أم أعاني داء الخرف المبكر؟
ابتسم وقال مازحا:
- أهناك خيار ثالث؟
استشاطت غضبا فعرف أنه لم يكن وقتا جيدا للمزاح...
قالت جوانا بصرامة وهي تنظر إلى عزرا:
- عزرا إن الحياة عبارة عن خطط مستقبلية... لكل إمرء خطة، وجب عليه إيجادها وتنفيذها دون نقاش ليصل إلى ما هو مقدر منه في هذه الحياة...
قاطعها عزرا مكملا عنها بضجر:
- أعلم ولا مجال للأخطاء، ومن يرفض يجد نفسه نائما في مكب قمامة الدنيا ويكون طعامه بقايا أفكار غيره..
نظر جوانا إلى عزرا بصمت، ثم أضافت وهي تفتح باب الفيلا:
- أما أنت فلا خطة لك... تعيش وفق هواك دون مراعاة لمشاعر أي أحد!
فقال باستسلام وتصنع اليأس قائلا وهو ينظر للأرض:
- أعلم أني قد أغضبتك...
ثم وضع يديه بجيوبه وهو مازال مطأطئ رأسه وقال بحزن:
- أصبحت أغضبك كثيرا في الأيام الماضية... إني أحاول صدقيني.... ولكن يبدو أني فقط فاشل...
ثم أشاح وجهه عنها مديرا ظهره لها مكملا:
- ليتني أعرف أن أعوضك عن كل ما أفعله بك، ليت لدي فرصة واحدة لذلك لأريكِ كم أنا مهتم بك وأحبك... ولكن..
ثم بدأ يمشي باتجاه الدرج ليذهب إلى غرفته...
لم يسمع صوتها... هل فشلت الخطة باء؟ الهذه الدرجة هو فاشل بالتمثيل؟
ففكر بخطة بديلة، أن يمسكها من تنورتها الغالية التي لا تسمح لأحد بلمسها ويبكي لترضى عنه، على الأقل إذا لا تريد أن ترضى عنه سوف ترضى مرغمة حتى لا يمزق تنورتها الغالية... خطة عبقرية!

ولكن قبل أن يشرع بتنفيذ خطته وضعت جوانا يدها على كتفه، فتوقف، قالت:
- ماذا أفعل بك؟ أحبك!
التفت إليها بابتسامة وحملها وقبلها قائلا:
- سوف أعوضك عن ما حدث اليوم، أعدك!
أتت ناني تعلمهم بأن الغداء جاهز فذهبت جوانا وعزرا خلفها، فغمز عزرا ناني متسائلا بيده فرسمت رقم ثمانية بالهواء، فرفع حاجبيه مبتسما قائلا لنفسه باعجاب:
-إني أتحسن بالتمثيل!
جلسا على المائدة في حين كانت ناني واقفة لتلبي أي طلب يريدانه...
كان عزرا يتغزل بجوانا في حين انتبهت ناني على شيء ما جعلها تبتسم ابتسامتها الخبيثة، فرآها عزرا فقال:
- ناني يا عزيزتي، هل لي بالمملحة لو سمحتي؟
وعندما أتت بها قال لها بهمس:
- امسحي هذه الابتسامة الشريرة عن وجهك لقد حللت مشكلتها وقد انتصرت!
اتسعت ابتسامتها وأجابت:
- مازال عرضي ساري المفعول، إذا أرادت دفنك فأنا هنا للمساعدة..
نظر إليها بمكر وقال بهمس:
- ها! سوف تنتظرين طويلا يا عزيزتي لقد باءت محاولاتك بالفشل...
ونفخ صدره نفخة منتصر، وبنفس اللحظة التفتت إليه جوانا قائلة بطفولة:
- ماذا خبأت لي اليوم؟
توقف عزرا عن التنفس للحظة، ثم سألها بارتباك متمتما:
- خبأت لك اليوم؟ ولماذا اليوم بالذات؟
نظرت إليه بصدمة قائلة وهي تضغط على مخارج الحروف:
- أنسيت ما هو اليوم؟
همست ناني بأذنه بنفس الابتسامة:
- إنه 2112، إنه عيد ميلادها الذي نسيته، إنه يوم دفنك يا طفلي العزيز.
نظر إلى ناني مشككا:
- أأنت متأكدة؟
أجابت:
- طبعا متأكدة!
صمت قليلا ثم قال وهو يحك ذقنه:
- هل مايك موجود؟
أجابت باستغراب:
- نعم موجود ولكن لماذا؟
قال لها:
- حسنا اطلبي منه الذهاب من فوره للسوق وشراء رفش ثاني لأنك سوف تحتاجينه عندما تساعديها بدفني!!!!
ثم ادرك متابعا:
- ولا تنسي حجر الشاهد أريده رخام، و أرجو أن تزوريني كل فترة وفترة وسأذكرك بوصيتي...
ثم تابع عند شعوره بأن لا فائدة من الغضب والقلق:
- وأوصيكي خيرا بفرشتي ووسادتي
صرخت جوانا وهي تقف بعصبية:
- عزرا!!!! أتريد أن تقول لي بأنك نسيت عيد ميلادي؟ نسيت عيد ميلادي؟
رمت المنديل على المائدة وأخذت حقيبتها وتوجهت للباب صارخة:
- هذه هي النهاية، أنا أحبك فعلا، ولكن لم تكلف نفسك أن تبذل أي مجهود في علاقتنا... هذه هي النهاية...
رفعت ناني رأسها للسقف وكأن أحدا ناداها... ثم حركت رأسها بالايجاب...
ثم قالت:
- سيدتي... لقد أسأت فهم سيدي عزرا...
التفتت إليها جوانا قائلة بعصبية:
- أنتي اخرسي لا اطيق صوتك فلا تتدخلي بيني وبين سيدك!
رفع عزرا رأسه بعصبية ووقف بغضب في حين بلعت ناني الإهانة وتابعت:
- سيدتي لقد أراد سيدي عزرا أن يفاجئك ويتلاعب بك قليلا هذا هو الموضوع فقط!
وقفت جوانا مكانها، صمتت قليلا، ثم التفتت إلى ناني وعزرا متسائلة بفضول:
- أية مفاجأة يا خادمة؟
ثم التفتت إلى عزرا وتساءلت بصوت أقل حدة:
- أية مفاجأة عزرا؟
ارتبك عزرا وقال موجها حديثه لناني:
- أخبريها ناني ما هي المفاجأة
نظرت ناني إلى السقف مرة أخرى في حين لمحتها جوانا فازدادت عصبيتها فجأة قائلة بغضب مكبوت ضاغطة على مخارج الحروف:
- لا يحق لك!!!!!
ولكن ناني تجاهلت كلام جوانا قائلة من فورها:
- كان سيدي يفكر بأن تقضيا عطلة هذا الأسبوع في مكان خاص جدا، ولكنه مازال يفكر..
برقت عينا جوانا في حين شبكت ناني أصابعها ببعضهم لتخفي توترها وأكملت:
- مكان أردت من مدة الذهاب إليه...
طأطأت رأسها الأرض وتابعت بصوت مرتجف:
- وهو لم يزره منذ مدة كذلك...
رمقها عزرا بنظرة شرسة قائلا بصوت آمر:
- ناني... يكفي ذلك!
اختفي غضب جوانا فجأة واتجهت إلى عزرا بسعادة غامرة قائلة:
- أصحيح ما سمعت؟ أصحيح ما سمعت يا حبيبي؟
ظل عزرا صامتا متجهم الوجه...
رفعت جوانا رأسه ونظرت إلى عينيه التائهتين وسألت بهمس:
- أصحيح ما سمعت؟
لم يجب....
تركت رأسه.... نظرت إليه بحزن... ثم اتجهت للباب ورحلت...
التفت فورا إلى ناني بنظرة نارية، اقترب منها صارخا:
- كيف تجرؤين؟
تلعثمت ناني وهي تجيب:
- عزرا اهدأ ولنتناقش بهذا الموضوع...
قاطعها صائحا وهو يتجه لغرفة المكتب:
- لا أريد أن أسمع شيء عن هذا الموضوع...
فتح باب غرفة المكتب، وقبل أن يغلقه على نفسه أردف بكل جدية الدنيا:
- أبدا!!!
دخلت جوانا مركبتها، وهي تنظر إلى الفيلا متأملة أن يلحقها عزرا... ولكن دون جدوى....
ثم فجأة نظرت إلى السماء كأن أحدا يناديها.... ثم نفضت عن نفسها النظرة... وبرقت عينيها بعصبية، وقادت مركبتها بسرعة رهيبة...

وبغضب...

كان عزرا جالسا على كنبة أمام الموقد ينظر إلى صور إيفا عندما فتحت ناني باب غرفة المكتب آتية بكوب من الشاي، وضعته على الطاولة، وجلست بجانب عزرا.... تنظر للصور معه...

نزلت دمعة من عينه على خده... قائلا بخفوت:
- اشتقت لها ناني...
ضمته إلى صدره قائلة وهي تقاوم البكاء:
- أعلم يا بني، أعلم يا حبيبي...
ثم تركته ونظرت إلى عينيه قائلة ببطء:
- عزرا، يجب عليك أن تذهب هناك
قاطعها وهوه يتوجه للموقد:
- أغلقي هذا الموضوع...
ردت بسرعة:
- عزرا تكفي سنتين... تكفي...
نظر إلى صورة إيفا الموضوعة فوق الموقد، صورتها يوم عرسهما... نظر إلى ما هو مكتوب خلفها... عليَ أريك السعادة أبد الدهر يا يقطينتي... ابتسم... فقد اعتادت أن تناديه بيقطينتي...
طأطأ رأسه الأرض وقال بخفوت:
- بعد غد...
أضافت ناني:
- بعد غد هو يوم فقدانها.... 23122011... أعلم
قامت واقتربت منه مكملة بحنان:
- عزرا، لقد نسيت عيد ميلاد جوانا، ولكن تذكرت يوم فقدان إيفا... يجب أن تغلق هذه الصفحة... يجب أن تذهب... يجب أن تكتب النهاية...
فكر قليلا ثم أشاح وجهه عنها وكأنه يطرد شيء ما من رأسه قائلا باضطراب:
- ناني... أنا... أنا... لم أشفى تماما...لا أدري... مازلت رافض فكرة أن إيفا قد ماتت... مازلت رافض فكرة حادثة موتها كله!
نظرت إليه بسرعة وقالت على عجلة:
- عزرا صدق ما تؤمن به داخلك اتبع حدسك!
نظرت للسقف.... ثم أشاحت بوجهها بألم.....
عاد ليتأمل صورتها معا... يلمس الصورة وكأنه يلمس خدها... وقال بكل حب:
- أصدق أنها حية... أنها ليست بميتة...

"أعلم... صدق ما تؤمن به..."
التفت اليها باندهاش مستفسرا:
- تعلمين؟
اقترب منها ممسكا كتفيها قائلا بحماس:
- أتشعرين بذلك أيضا؟
ابتعدت عنه قليلا قائلة:
- إذا كنت تريد أن تستمر بحياتك هكذا فهذا خيارك، وإذا أردت وضع نقطة النهاية لقصصك الغير منتهية فذلك خيارك ايضا...
التفتت لتلتقط الصور المبعثرة مكملة:
- اذهب للقلعة.. وخذ معك جوانا... وتخلص من عقدتك..
نظر إليها مشدوها متمتما:
- أتخلص من عقدتي؟ لقد قلت توك أنك تعلمين أيضا أن إيفا حية ترزق...
نظرت ناني إليه ببرود مجيبة ببطء:
- عزرا... أنا لم أقل شيء
تنهدت وهي تضع سبابتها على جبهتها وقالت:
- اختر طريقك، تكفيك سنتين وأنت على مفترق الطرق عزرا...
وتركته وذهبت...
تركته بحيرته...
وهو يتذكر صوت إيفا.... عليَ أريك السعادة أبد الدهر يا يقطينيتي...

دخلت جوانا بيتها بعصبية وطرقت الباب خلفها في حين كانت شريكتها بالسكن تشاهد التلفاز فاندهشت من تصرفها هذا فقالت:
- جوانا لم لا تأتي بمطرقة وتكسرين الباب؟
جلست جوانا بجانب شريكتها وهي تنفث الغضب، كانت شريكتها تأكل الذرة المحمصة، فعرضت عليها القليل، فأخذت جوانا كل العلبة فاعترضت شريكتها قائلة:
- هيه لا تأخذيه كله لقد عرضت عليك من باب الأدب فقط أيتها النهمة!
أجابت جوانا:
- كرستينا أرجوك لا أريد أن أسمع كلمة منك، تكفيني عصبيتي!
قالت كرستينا باستسلام:
- وما ذنب الذرة لتدفع الثمن؟
ثم تابعت بتنهيدة بعد أن أطفأت التلفار:
- حسنا حسنا ماذا حدث؟
أجابت جوانا بامتعاض:
- كانت هناك فكرة بأن يأخذني عزرا للقلعة، ولكنه مازال مترددا.
برقت عينا كرستينا وهي تطالب بالمزيد:
- حسنا؟
ردت جوانا وفمها مملوء بالذرة المحمصة:
- لا شيء، مازال مترددا وتركته كذلك.
صمتت جوانا قليلا ثم أردفت:
- ناني من اقترح هذا الأمر في بداية الأمر.
قالت كرستينا باعتراض:
- لا يحق لها! لا لا يحق لها!
نظرت إليها جوانا للحظة ثم صمتت كأنها تفكر...
حدقت كرستينا بجوانا متسائلة:
- بماذا تفكرين؟
رن جرس هاتف جوانا فردت.... وتحدثت بصوت خافت جدا... ومن ثم...
أغلقت الهاتف...
وابتسمت أجمل ابتسامة ، قائلة لكرستينا:
- سوف نذهب غدا للقلعة!
ضاقت عينا كرستينا.....
وهي تردد....
لا يحق لها.... لا لا يحق لها...

دخلت ناني غرفة عزرا لتيقظه كالعادة فوجدته مستيقظا ومرتديا ملابسه ومجهزا أغراضه، وجالسا يفكر...
اقتربت منه ناني، وسألته بحنان:
- عزرا... أهناك أي شيء أستطيع أن أساعد به؟
نظر إليها كأنه يراها لأول مرة... ثم سألها:
- ناني؟ ما هو تاريخ اليوم؟
أجابت بحنان:
- 22122011
ثم قالت لتغيرالموضوع:
- لا يحق لك أن تستيقظ دون إذني، لقد حرمتني متعة إيقاظك مثل كل يوم.
قال بتلقائية وهو ينظر لحقيبته:
- اليوم ليس كأي يوم...
لم تستطع منع نفسها من أن تحضنه... ثم قالت:
- عزرا....
نظر إليها ينتظر.... نظرت إلى عينيه... ثم قالت والدمعة تسيل على خدها...
- مهما يحدث في القلعة... تذكر أني أحبك... وتذكر بأني لن أنساك أبدا...
تساءل باستغراب:
- لماذا هذا الكلام ناني؟
أشاحت بوجهها عنه مجيبة:
- لأني أحبك، ومهما كان قرارك فأنت ابني الذي ربيته منذ صغره...
وتركته وهو غارق ببحر من الشكوك والأفكار
والنيران...
دخلت جوانا الفيلا وهي مغمورة بالسعادة تنادي عزرا، وما أن رأته احتضنته من حبها له... نظر إليها بابتسامة... ثم قال:
- جوانا... أرجو أن تراعي وضعي إذا اكتأبت بالقلعة، فلم أدخلها منذ...
قاطعته بحنان قائلة:
- أعلم يا حبيبي، وسوف نجتاز هذه المحنة معا... لا تقلق أنت بأيدي آمنة...
أتت ناني وعينيها تقطر دمعا تنظر لعزرا بسعادة بأنه سوف يأخذ هذه الخطوة، نظرت جوانا إليها باستعلاء قائلة:
- لماذا تبكين؟ نحن ذاهبين لنقضي وقتا ممتعا ولا نريد فأل سيء مثلك ليبكي قبل ذهابنا...
قاطعها عزرا قائلا:
- جوانا، ناني هي من ربتني وهي من يفهمني تماما...
اتسعت عينا جوانا قائلة:
- أتقصد أني لا أفهمك؟
أكمل عزرا:
- قد أسامح بكل شيء ولكن ليس بناني، لقد أهنتيها أمس، واليوم... وهذا غير مقبول..
ردت جوانا:
- هذا جزاء الخدم عند تدخلهم بأمور....
قاطعها عزرا آمرا:
- اعتذري لها
نظرت إليه باندهاش قائلة:
- ماذا؟ أتريدني أن اعتذر من ناني مدبرة المنزل؟
أجاب بصرامة:
- نعم.
طأطأت ناني برأسها الأرض وقالت بخفوت:
- لا داعي لذلك فقط اذهبا واقضيا وقتا ممتعا....
بقي عزرا على صمته ينظر إلى جوانا التي استشاطت غضبا وصاحت قائلة:
- لن أفعل ذلك!
مهما تطور الانسان وتقدم، وتساوى بين الذكر والانثى، فهناك دائما فرق بينها لا ينقص من قدر أحدهما شيء، فمن أسباب خلق الله الذكر أقوى هو لإعانة العائلة على أيجاد قوتها، وكذلك لحماية أفراد عائلته، فهو الأمان للأنثى...
ولم يخلق الأنثى أرق إلا لأسباب منها أن تكون المؤنس والواحة للرجل في صحراء هذه الدنيا...
فدائما يبحث الرجل عن امرأته ليحميها... مهما كان ضعيفا...
ودائما تبحث المرأة عن رجلها ليحميها... مهما كانت قوية...
، ومهما نسي أو تناسى الاثنان هذه الحقيقة، فسوف تظهر جلية أحيانا بكلمة، بنظرة، أو حتى بصمت.
فعندما رأت جوانا نظرات عزرا الصارمة، غلب على جوانا نزعتها الأنثوية، فطأطأت رأسها الأرض، اقتربت من ناني، قبلتها بابتسامة، واعتذرت منها...
هنا ابتسم عزرا وقال بابتسامة عريضة:
- الآن نحن جاهزين للذهاب...
كانت المسافة للقلعة هي مسيرة يوم كامل بالمركبة...
وكان الوقت يمر بسرعة بالأحاديث والضحك...
إلى أن اقتربا من القلعة
ولاحت له من الأفق...
شعر بأن صوت جوانا خفت...
وأن أصوات أخرى تشاركهم الأحاديث...
نظر إلى الطريق... يا إلهي لم يتغير شيء... الشجر... العصافير...
وأصوات...
تطلب منه الرجوع من حيث أتى...
هل هو عقله الباطن؟
وفجأة شعر بصمت ثقيل...
لا صوت...
جوانا تتحدث ولكن بدون صوت
وتتحرك ببطء
لا صوت للريح
ولا صوت للطيور
كل شيء تجمد
سرت قشعريرة في ظهره كتيار كهربائي...
ثم لمح شخص ملتحي يقف على تلة يحمل عصا
وينظر إليهما...
شعر بثقل شديد على صدره...
شعر بصداع حاد
لا يستطيع القيادة
السيارة تترنح
أو هو!
وفجأة سمع صراخ جوانا وهي تطلب منه الرجوع للشارع قبل أن يصطدما بشيء... وعاد إلى رشده...
وعاد كل شيء كما كان...
ولكن اختفى الشخص...
تنفس بعمق، وقرر زيارة جاك عند عودته من هذه الرحلة فورا، وأن يقول له ما يختبر من أمور...
أمعقول أن حالته تسوء؟
وصل إلى القلعة، نزل من مركبته، فتح بوابات القلعة، ثم عاد وركب المركبة وهو يقاوم عدم رغبته في الضغط على دواسة الوقود...
"ادخل"
التفت إلى جوانا:
- ماذا قلت؟
قالت:
- لا شيء!
ثم مالت عليه متساءلة:
- أأنت بخير يا عزيزي؟
ثم امسكت يده مردفة:
- سوف نجتاز هذه المحنة معا يا حبيبي...
ابتسم بصعوبة.... نظر إلى داخل محيط القلعة... أدار المركبة، وضغط على دواسة الوقود...

كانت جوانا متحمسة بجنون لأنه كان حلمها أن تدخل القلعة التي أغلقت قلب حبيبها... في حين كان عزرا ينظر حوله ويربط كل شيء بإيفا....

إلى أن لمح البركة... هنا توقف الزمن... وتوقفت كل معالم الحياة... ولم يبق إلا صوت قلبه....
أشاح وجهه عن البركة بصعوبة... وبخوف...

وصلا إلى بوابة القلعة...
أطفأ محرك سيارته ونظر إليها قائلا:
- لقد وصلنا!
ابتسمت أجمل ابتسامة وخرجت من المركبة وهي تمشي كالطفلة التي تذهب لأول مرة إلى مدينة الألعاب...
دخللا القلعة، وأول كلمة خرجت من فم جوانا كانت:
- واااااااااااااااااااااااااااااو!
ابتسم بتواضع من فرحتها واتجها للدرج ليصعدا إلى الغرف العلوية، فهالها ما رأت من صور معلقة على جدران الدرج من رجال ونساء أنيقي الثياب والوقفة ، فسألته عنهم ومن يكونوا، فقال أنهم من سلالة عائلته حيث أنهم يعرفون سلالتهم لأكثر من ألف سنة مضت، نظرت شزرا وقالت:
- ما حاجتنا لمعرفة سلالة عائلتنا؟ المهم أن نعيش أيامنا وفقط!
رد عزرا بتلقائية:
- من لا أصل له لا جذور له، لا أرض يدين لها بالولاء ولا عائلة يقدرها يساعدها وتساعده... يعني من لا أصل له فقد فقد انسانيته...
نظرت إليه بضيق قائلة:
- ليس الجميع...
وهنا انتبه أنه لم يسألها يوما من أين هي أو ما هي أصولها، فصمت حتى لا يزعجها...
وصلا إلى الغرف العلوية، فارشدها إلى غرفة نوم من الطراز الكلاسيكي بسرير ومنضدة من خشب الاسبستوس، وثريا من العهد الملكي، وسجاد فارسي غطاه الغبار.
فتح يداه كأنه باستعراض مسرحي وقال:
- ترااااااااااااااااااا............. هذه هي غرفتك!
اختفت ابتسامتها فجأة وحل محلها الحيرة وهي تقول:
- غرفتي؟ أليست غرفتنا؟
أجاب بتوتر:
- حبيبتي، لم آتي هنا منذ سنتين فاعذريني على توتري... قد أكون أفضل غدا...
نظرت إليه بامتعاض...
ثم بدلت الامتعاض بنظرة دلال، اقتربت منه ، امسكت يداه ولفتهم على خصرها قائلة:
- أأنت متأكد؟
ابتسم وطبع قبلة على جبينها قائلا بهمس:
- أجل!
ابتعدت عنه بنفس الدلال مجيبة:
- أنت الخاسر!
غير الموضوع قائلا:
- لقد تأخر الوقت الآن ويجب علينا أن ننام لنستيقظ باكرا لأريك القلعة والحديقة ...
أضافت:
- والبحيرة!
ارتعش مجيبا:
- تصبحين على خير...
ذهب إلى غرفته...
إلى غرفتهما...
هنا كانت إيفا تمشط شعرها...
وهنا كانت تتمدد لتقرأ كتابها المفضل...
وهنا كنا نتغازل...
بهذه الغرفة كان أول يوم في شهر عسلنا...
بهذه الغرفة ذقنا ألذ يوم...
وأمره...

تمدد بالسرير الذي وجده دافئا على غير العادة....
ونظيفا....
أيضا على غير العادة...
"هل كان أحد هنا؟"

أغمض عينيه... وهو يتمتم....
- كل عام وأنتي بألف خير يا أحب إيفا بحياتي......
غطى رأسه هامسا...
- ومماتي...

- الجو حار جدا... من الغريب أن يكون الجو حار هكذا بنهاية السنة....
- أوه لا مقدرة لي على القيام من السرير... لقد كان مؤلما أن أقود طوال اليوم... لو أن هناك شربة ماء...
- أوه يا عزيزتي ماذا تفعلين؟ أتمشطين شعرك؟ نحن في منتصف الليل هيا إلى النوم...
- أعلم أن الطقس حار جدا... وأعلم أنه غريب جدا... ولكنه شهر عسلنا... إن لم ننم...فدائما هناك أشياء أخرى لنفعلها...
- قدت طوال اليوم من أين؟
- إيفا؟ هل لي بكأس ماء؟
- شكرا يا حبيبتي...
وضع عزرا الكأس على فمه فوجده ممتلئ بالتراب...
نظر حوله فلم يجد أحدا...
- أين أنا؟
- هل كنت أحلم؟
- ولكني رأيتها....
- أوه إنه حلم..
- ليته حقيقة...
قام عزرا وذهب إلى الكنبة التي كانت إيفا تتمدد عليها لتقرأ...
بقي هناك جزء من الزمن... إلى أن نام...
- عزرا...
- عزرا...

فتح عزرا عينيه ليجد إيفا أمامه، ملتفحة بالسواد... والدماء تسيل من يديها وقدميها..... صرخ... حاول القيام ولكنه لم يستطع...
- عزرا...
- عزرا... لم تركتني هل نسيتني؟ أتذكر حبك لي؟ فأنا أذكر حبي لك...
- عزرا... سنتين.... أرجوك... لا أستطيع الاحتمال... والموت يرغب عني...
- الرحمة...
صرخ:
- إيفا...
- إيفا...
- إيفا...
سمع صوتا:
- لم أتيت؟ ما الذي أتي بك؟ أليست لديك حياة؟ لم أتيت؟
همس عزرا بتعب:
- عدت إليها... عدت إلى إيفا... لأبقى معها...
رد الصوت:
- إيفا قد ماتت، هي فقط ذكرى...
قال عزرا وعيناه نصف مغمضين لا يستطيع تمييز صاحب الصوت:
- إذا فلأمت معها...
ابتسم صاحب الصوت قائلا:
- لك ذلك
صرخت إيفا:
- عزراااااااااااااااااااااااااااااا
- إني حية.....
- لا تتركني فأموت...
- عزرااااا
رأى النار تغلف إيفا... وتحرقها، وهي تصرخ بهستيريا...

- عزرا
- عزرا

- عزرا افتح الباب أنا جوانا ماذا يحدث؟
قام عزرا بصعوبة وفتح الباب لجوانا فحضنته قائلة بخوف:
- صراخ من الذي سمعته؟ لم كنت تصرخ؟ ماذا بك يا حبيبي؟ هل أنت بخير؟
لم يستطع الرد، فقط أشار إلى المكان الذي وقفت فيه إيفا...
ذهبت جوانا لترى ماذا هناك...
فرأت آثار حروق على السجادة لا يقل عمرها عن السنتين.
فتح عينيه لا يستطيع فهم ما يحدث...
أمسكته ووضعته على السرير، وتمددت بجانبه قائلة:
- لن أتركك، لقد كانت فكرة سيئة أن أتركك لوحدك...
لم يجب فقد كان تعبا جدا....
جدا...
- عزرا...
- عزرا..
استيقظ عزرا مرعوبا يبحث عن إيفا، ولكن لم يجد أحدا إلا حبيبته نائمة بجانبه...
قام من سريره ببطء حتى لا يوقظها...
- أوراق التاريخ هذه موجودة منذ سنتين... 23122009... يوم زواجنا...
فتح النافذة، وجد شهاب أبيض.... تأمله...
وجد شهاب أبيض آخر ... يقترب من الأول.... لا يصطدم به... بل يلعبان!
يلتفان حول بعضهما بتناغم!
وهو يشاهد، أهو نائم؟
ثم وجد شهاب أحمر كبير يقترب من الاثنين، ويضربهما، فيقع الأول على ضفة البركة... والثاني يغوص في البركة... وينطفئ...
يشعر ببرودة في جسده ورعشة غير مفهومة...
يغلق النافذة، يذهب للمرآة... يرى انعكاس أوراق التاريخ...
- ماذا؟ أهذه مزحة؟
يلتفت إلى أوراق التاريخ...
23122011
تاريخ الغد؟
ماذا؟
دون أن يفهم ما يحدث معه يشعر بحرارة تهب من ناحية المرآة فيلتفت ببطء...
يخرج الشهاب الأحمر ليلتهمه بوخز كالجحيم....
يصرخ
ويصرخ
ويصرخ

- عزرا
- عزرا استيقظ
- عزرا

جوانا؟
- أجل يا حبيبي لقد عانيت كابوسا تلو الآخر أمس، هيا استيقظ لقد حضرت لك فطورا...
نظر عزرا إلى أوراق التاريخ فوجدها 23122009
ويبدأ النهار في القلعة...
جلس عزرا وجوانا على المائدة ليفطرا...
- عزيزي؟
- نعم يا عزيزتي...
نظرت إليه للحظة ثم قالت...
- لا لا شيء..
رد:
- جوانا أهناك شيء تريدين قوله؟
ترددت كثيرا قبل أن تقول:
- عزيزي عندما أتيت إلى غرفتك كنت تعاني كابوسا شديدا...
وضع يديه على رأسه وهوه يقول:
- ومازال رأسي يؤلمني للآن، يا لها من ليلة.
صمتت قليلا ثم أضافت:
- لقد سمعت صوتك تصرخ...
أجاب دون اكتراث:
- هذا ما يسمى بالكابوس..!
أردفت بتردد:
- وسمعت صوتين آخرين...لرجل آخر وامرأة كذلك...
رفع رأسه ينظر إليها بصمت... ثم عاد ووضع رأسه بين يديه قائلا:
- احتمالين، تهيؤات... أو هما أيضا أنا!
نظرت إليه بنصف عين قائلة:
- لم أدر بأن لك جانب أنثوي يا عزيزي!
رد عليها بضحكة تهكمية:
- بعد صراخ ليلة أمس لا أتوقع من رجولتي أي رجاء!
قاما وغسلا الأطباق، ومن ثم أخذها في جولة حول القلعة أخذت ساعة كاملة إلى أن أقسمت أن لا تعيدها مرة أخرى.
سألته:
- عزرا، ماذا كانت هوايتك وأنت هنا؟
أجاب:
- الرسم.
ابتسمت باعجاب وقالت:
- ولم توقفت؟
شعر بضيق قبل أن يجيب قائلا:
- لأن رسوماتي بعد الحادث أصبحت تخيفني...
صمتت مليا ثم فجأة ابتسمت قائلة بدلع:
- وما رأيك أن تعود للرسم الآن؟ جرب ارسم، انت لا تدري ماذا حل بك خلال السنتين الماضيتين أليس كذلك؟
لم يجيب، فأمسكته من يده ودخلا إلى غرفة الرسم، أخذت الأدوات اللازمة للرسم وذهبت إلى الشرفة، وطلبت منه رسمها وهي واضعة قدميها بالبركة...

أجاب بسرعة:
- لا، ابحثي عن مكان آخر!
نظرت إليه بهدوء وقالت:
- قد تكون قد رسمت زوجتك الراحلة وهي واضعة قدميها بالبركة ولذلك لا تريد، ولكن يجب أن تغلق هذه الصفحة لتبدأ صفحة جديدة.... من أجلي؟
تردد كثيرا قبل أن يوافق..

وقف في الشرفة وبدأ يرسمها وهي تلعب بالمياه، يرسمها، يرسم البركة التي يكرهها، يرسم الأشجار... والطيور..
بعد نصف ساعة.. بعد أن أكمل نصفها... بدأ ألم رأسه يعود...
وفجأة صمتت الدنيا عن الحياة...
توقفت الرياح عن الهبوب...
توقفت أوراق الأشجار عن الحركة...
توقفت الطيور عن التغريد...
وجوانا تبتسم ببطء...
- اللعنة الصداع عاد من جديد...
ولكن لاحظ أن الطيور تنظر إليه... جميعها...
تنظر إليه..
ثم تنظر إلى البحيرة...
نظر إلى البحيرة...
فوجد شيئأ أسودا كبيرا يتحرك بسرعة كبيرة باتجاه جوانا
والطيور تنقل نظرها بين عزرا والبحيرة بجنون...
صرخ:
- جوانااااااااااااااااااا ابتعدي عن البركة...
ولكنها كانت تتسع ابتسامتها ببطء...

قفز من الشرفة وركض باتجاه جوانا وعندما وصل إليها سحبها بكل قوته بعيدا عن البركة وهو يلهث...
- أجننت؟ ماذا تفعل؟
نظر إليها وهي غاضبة ترمقه بنظراتها...
نظر حوله...
وجد كل شيء طبيعي...
كل شيء...
وقف لا يعرف ماذا يقول أو يفعل أو كيف حتى يفكر!
"قد أكون قد بدأت أفقد عقلي!!!"
نظرت إليه بنصف عين عاقدة يديها أمام صدرها... ثم قالت:
- إذا كنت تخاف من البحيرة بهذه الطريقة فيجب عليك أن تدخلها وتهزمها...
ضحك ملئ فيه قائلا:
- أدخلها؟ وأهزمها؟ أتمزحين؟
أجابت بطفولة:
- لا!
نظر إليها قائلا:
- سوف أذهب لأكمل رسمتي...
قالت:
- حسنا إذا، سوف أدخل أنا القارب وحدي!
صرخ:
- لا!
ردت:
- إذا كنت خائف علي أنا وليس على نفسك فتعال معي!
تردد كثيرا وهو لا يجد تفسيرا لما يحدث معه....
- حسنا!
حملا القارب فأوقعته، فضحك عليها قائلا:
- لا تطلب من بنت مدينة أن تفعل ما تفعلنه بنات الريف... بنات الريف أقوى
اقتربت منه مبتسمة ، لفت يديها حول رقبته قائلة:
- عزرا حبيبي؟
أجاب بحب:
- يا حبيب عزرا
ضربته بين أفخاذه فوقع أرضا وهو محتقن الوجه وعادت لتحمل القارب قائلة:
- لا توجد بنت ريف تستطيع فعل ذلك، فلا تتحدث عن القوة يا حبيبي، هيا قم ساعدني بحمل القارب!
قام من الضربة قائلا:
- لا توجد بنت أساسا تفعل ذلك! ثم لقد أتيتي بدلع وأخذتيني على حين غرة... بالمناسبة، أهلك قد علموك الحب خطأ!!!!
صر على أسنانه من الألم متمتما:
- لو كنت رجلا فقط لخمس دقائق!
ثم تأوه قائلا:
- جوانا؟ أعتقد أن بعد هذه الضربة يجب أن نفكر جديا بالتبني!!!
نزلا إلى البحيرة وهو يسب ويلعن من ألم الضربة... ووصلا إلى منتصف البحيرة... ولم يحدث شيء...
نظرت إليه لبرهة إلى أن انتبه إليها فابتسم... فقالت:
- هيا، أريد القليل من الرومانسية!
أجاب:
- القليل من الرومانسية؟ أنا من وضع للرومانسية أصولها!
هيأ نفسه كأنه بمسرح ثم قال:
- جوانا يا عزيزتي، أنتي كالبدر حين تمامه والشمس حين ضياءه، والعشق عند أوجه، والهيام عند...
قاطعته قائلة:
- عزرا أريد كلام رومانسي، ما الذي تقوله؟
قال:
- ألا يعجبك؟
قالت:
- طبعا لأ!
حك شعره باستغراب قائلا:
- غريب، عندما أنزلت هذا الشعر من الانترنت قالوا أن هذه أحدث الأشعار الرومانسية!
نظرت إليه بعصبية صارخة:
- انترنت؟ انترنت يا عزرا؟ أعدني لليابسة، لا أريد أن أبقى معك!
ضحك واقترب منها قائلا:
- جوانا يا عزيزتي.... هناك ما أريد قوله لك... لقد استحملتيني سنتين وأنا ضائع، أحببتيني، تفهمتي مشاكلي... كنت محتاج أحدا بجانبي... أي أحد... ولكن... بعدها عرفت انك لست صديقة لي...بل أنت..
"لقد عاد الصداع... اللعنة... ما سببه؟ آه رأسي..."
- أنتي حبيبة....
"لا أسمع شيء... لا أسمع شيء"
بدأ التوتر يظهر على عزرا وهي تنتظر كلامه بفارغ الصبر...
لا هواء...
لا صوت...
نظر إلى الطيور..
كانوا صامتين...
ومحدقين به...
نظر إلى جوانا...
كانت تتكلم بلا صوت... وببطء...
نظر إلى البحيرة...

"لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا"
تحول لون السماء إلى اللون الأسود وبدأت أمواج البحيرة ترتفع إلى ألف اعصار، وجوانا تصرخ... حاول عزرا التجديف إلى أن اقترب من اليابسة ولكن خرجت كتلة سوداء قلبت القارب أغرقتهما، فأمسك بجوانا وصار يسبح للشاطئ...
"لا..... لا .... لن أفقدك مرة أخرى... لا...."
- عزرا أنقذني... عزرا لا تتركني له ثانية... أرجوك...
- إيفا؟ إيفاااااا
وسبح وسبح... إلى أن وصل للشاطئ...
"إنها لا تتنفس!!!"
- جوانا... جوانا أرجوك لا تموتي....
وضع فمه على فمها ينفخ بصدرها... رفع بصره إليها...
"إيفا؟"
"إيفا؟"

نظر حوله....
"أين أنا؟"
"ما الذي يحدث؟"
نظر إليها ..... إنها جوانا...
نفخ بصدرها إلى أن فاقت...
- عزرا .... عزرا ما الذي يحدث..؟
"أخرجا"
التفت عزرا يبحث عن صاحب الصوت...
ثم حمل جوانا ليهربا إلى المركبة... ويسرعا بالخروج من القلعة تاركين كل شيء وراءهما...
خرج من سور القلعة ينظر وراءه.... لامحا شخص ملتحي... يمسك بيده عصا.... ولا يتحرك...

تم الجزء الأول بحمد الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://ar.netlog.com/Rami_Abdulaziz
 
وحي الشيطان - الجزء الأول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مزامير الشيطان
» قصة توبة بعد 30 عام من سيطرت الشيطان؟؟؟
» كنوز رمضانية ..الجزء الاول.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الفلسطيني الحر :: 
الإستراحة
 :: 
المحور الادبي
-
انتقل الى: